الخميس، 5 ديسمبر 2013

الدعاء سلاح المؤمن - الشيخ إبراهيم الدويش 2014

الدعاء سلاح المؤمن - الشيخ إبراهيم الدويش 2014


الدعاء سلاح المؤمن - الشيخ إبراهيم الدويش




الحمد لله وسعت رحمته كل شيء وعمَّت، وتوالت نعمة على عباده وتمت، أحمده سبحانه وأشكره، واتوب إليه وأستغفره، تعلقت به القلوب المؤمنة فاطمأنت.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله، قام بواجب الذكر والشكر، وجاهد في سبيل الله بدعوته حتى ارتفعت راية الملة واستتمت، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ما تعاقب الليل والنهار وازدهرت النجوم واستكنَّت، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.




أما بعد:

يا خالق الأكوان أنت المرتجى *** وإليك وحدَكَ ترتقي صلواتي

يا خالقي ماذا أقول وأنت تعــْ *** ـــلمني وتعلم حاجتي وشكاتي

يا خالقي ماذا أقول وأنت مُطْ *** طَلِعٌ علي شكواي والأنَّات




عباد الله: في عصر الحروب والنكبات، عصر الرشاشات والدبابات، عصر الفتن والثورات، عصر التسابق في اختراع وسائل التدمير، عصر التهديد النووي والكيماوي، وأسلحة الدمار الشامل، والتي تزداد يوما بعد يوم، يغفل المسلمون عن سلاح عجيب لم تستطع حتى الآن الدول الكبرى رغم تقدمها التقني والعلمي أن تكشف سره.




سلاح لا يملكه إلا المسلمون، سلاح الخطوب سلاح المؤمن، إنه التضرع والدعاء، ومناجاة رب الأرض والسماء، إنه سلاح عظيم يستدفع به البلاء، ويرد به سوء القضاء.




وهل شيء أكرم على الله من الدعاء؟ إننا نعجب حين نستعرض حياة الرسل والأنبياء فنرى شدة الامتحان والابتلاء، ومن ثم الصبر والالتجاء، وكثرة المناجاة والدعاء، وأن الإجابة لهم لم تأت إلا بعد إلحاح واستغاثة ونداء، ثم نريد -نحن الضعفاء-، أن ننصر وأن يستجاب لنا دون فعل لأسباب النصر والإجابة!.




هل فعلا أصابنا الهوان حتى عن الجهاد باللسان، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد بأيديكم، ثم الجهاد بألسنتكم، ثم الجهاد بقلوبكم؛ فأي قلب لم يعرف المعروف ولا ينكر المنكر نكس، فجعل أعلاه أسفله".




الله يغضب إن تركتَ سؤاله *** وبُني آدم حين يسأل يغضب



أمة التوحيد: أما عن أول أسباب الهزيمة وعدم الإجابة هو عدم إعطاء الدعاء قدره وعدم القيام به كما ينبغي بآدابه وشروطه وواجباته، نعم أخي، لقد جاء في الحديث: "ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة، اعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ".




الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3479

خلاصة حكم المحدث: حسن




أتسخر بالدعاء وتزدريه؟ *** وما تدري بما صنع الدعاءُ

سهام الليل لا تخطي ولكن *** لها أمَدٌ وللأمد انقضاء




شأن الدعاء في كشف البلاء من الأمور المعتقدة والمشاهدة، وهو من حسن الظن بالله، أليس الله يقول في القرآن: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186].




سبحان الله! أية رقّة وأية شفافية!


ألفاظ رفافة شفافة، آية تسكب في قلب المؤمن الرضا والطمأنينة والثقة واليقين، يعيش معها المؤمن في جنابٍ رضي، وقربى ندية، وملاذ أمين، وقرار مكين، وهو يدعو الملك الجبار الذي ليس له ند ولا نظير.



عباد الله: لو لم يكن في الدعاء لإخواننا إلا الشعور بالجسد الواحد والمواساة ورقة القلب لكفى! (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام:43]، ولو لم يكن في فضله إلا هذه الآية لكفت: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ) [الفرقان:77].




ويكفي قولُ الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل العبادة الدعاء"، أليس الدعاء يكون بتذلُّلٍ وخضوعٍ وإخباتٍ بين يدي الله؟


بل وَرَدَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدعاء هو العبادة". فمتى يعرف المسلمون قيمة وقدْر هذا السلاح؟

فالدعاء سلاح الخطوب؛ لكنه يحتاج مَن يُجيد الرماية، ويُحسِن تسديد السهام؛ يحتاج لاستمرارٍ ومواصلةٍ، وصَبْرٍ وجَلَد، وعدمِ مَلَلٍ.



فهذا نبي الله يعقوب -صلى الله عليه وسلم- ما زال يدعو ويدعو فذهب بصره وألقي ولده في الجب ولا يدري عنه شيئا، وأخرج الولد من الجب ودخل قصر العزيز إلى أن شب وترعرع، ثم راودته المرأة عن نفسها فأبى وعصمه الله، ثم دخل السجن فلبث فيه بضع سنين، ثم أخرج من السجن وكان على خزائن الأرض، ومع طول هذا الوقت كله ويعقوب يقول لبنيه: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف:87].




وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض"، فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبي،ه فأتاه أبوبكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك! فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله -عز وجل-: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال:9]، فأمده الله بالملائكة.




أيها المسلم: هكذا يكون الدعاء، مادا يديه مستقبل القبلة يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وأبوبكر وراءه راحما النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلا: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك.




إخوة الإيمان: بمثل هذا الدعاء يكون النصر للمسلمين، دعاء من قلب صادق وليس من قلب غافل لاه، دعاء من قلب مليء بالثقة واليقين، كلما راى الأمور تشتد والمكر والكيد يزداد، قال تعالى: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) [الأحزاب:22]، ثم زاد في دعائه وعمله وسعيه لفعل كل ما يستطيع من أسباب النصر دون تردد او خوف؛ أما الدعاء من قلب ضعيف شاكّ بنصرة الله فما عساه أن يفعل وهو لم يؤثر ابتداء بقلب صاحبه؟.




عن سهم بن منجاب قال: غزونا مع العلاء بن الحضرمي"دارين"، قال: فدعا بثلاث دعوات فاستجاب الله له فيهن كلهن، قال: سرنا معه فنزلنا منزلا وطلبنا الوضوء فلم نقدر عليه فقام فصلى ركعتين ثم دعا الله فقال: اللهم يا عليم يا حكيم، يا علي يا عظيم، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك فاسقنا غيثا نشرب منه، ونتوضأ من الأحداث، وإذا تركناه فلا تجعل لأحد فيه نصيبا غيرنا.




قال: فما جاوزنا غير قليل فإذا نحن بنهر من ماء سماء يتدفق، قال: فنزلنا فتروينا وملأت إداوتي ثم تركتها فقلت لأنظرن هل استجيب له؟ فسرنا ميلا أو نحوه فقلت لأصحابي: إني نسيت إداوتي، فذهبت إلى ذلك المكان فكأنما لم يكن فيه ماء قط، فأخذت إداوتي فجئت بها.




فلما أتينا"دارين" وبيننا وبينهم البحر فدعا أيضا فقال: اللهم يا عليم يا حليم، يا علي يا عظيم، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك، فاجعل لنا سبيلا إلى عدوك.




ثم اقتحم بنا البحر، فوالله! ما ابتلت سروجنا حتى خرجنا إليهم، فلما رجعنا اشتكى البطن فمات، فلم نجد ما نغسله به فكفناه في ثيابه ودفنّاه، فلما سرنا غير بعيد إذا نحن بماء كثير، فقال بعضنا لبعض: ارجعوا لنستخرجه فنغسله، فرجعنا فطلبنا قبره فخفي علينا قبره فلم نقدر عليه، فقال رجل من القوم: إني سمعته يدعو الله يقول: اللهم يا عليم يا حليم، يا علي يا عظيم، أخْفِ جثتي ولا تطلع على عورتي احداً. فرجعنا وتركناه.




سبحان الله! أي عجب! هذا يسير بجيش المسلمين على صفحة الماء عطشوا ولم يجدوا ماء لوضوئهم فدعا ربه فهطلت كأفواه القرب السماء، ثم دعا أن يخفي عليهم مكان قبره فاستجاب الله له الدعاء، الله أكبر! إنه سلاح المؤمن الصادق مع ربه، شيء عجيب، ادعوني أستجب فإني قريب.




لقي البراء -رضي الله عنه- المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا له: يا براء، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرَّه، منهم البراء بن مالك"، فأقْسِمْ على ربك!


قال: أقسم عليك يا رب، لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيك. فمنحوا اكتافهم، وقتل البراء شهيداً.



وفي يوم نهاوند قال النعمان بن مقرن -رضي الله عنه-: اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام وذل يذل به الكفار، ثم اقبضني إليك بعد ذلك على الشهادة، أمِّنوا رحمكم الله! قال جبير: فأمنا وبكينا، ثم حمل فكان أو صريع.




وأخرج البخاري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك -صلى الله عليه وسلم-؛ عن حفصة -رضي الله عنها- قالت سمعت عمر -رضي الله عنه- يقول: اللهم قتلا في سبيلك ووفاة ببلد نبيك -صلى الله عليه وسلم-، قالت فقلت: وأنى يكون هذا؟


قال: يأتي به الله إذا شاء.



عجبا! يطلب القتل في سبيل الله وهو جالس في المدينة لم يخرج لقتال: أنى يكون هذا؟


ولكنه اليقين والصدق مع رب العالمين، فيقتله أبو لؤلؤة المجوسي بطعناته وعمر يصلي بالناس صلاة الفجر فيموت -رضي الله عنه- كما سأل ربه شهيدا قتيل!، صدق -رضي الله عنه- عندما قال: يأتي به الله إذا شاء. إنه الدعاء، توكل ويقين وحسن ظن بالله، فما أجمل الدعاء إذا كان من قلب صابر مُلِحٍّ!.



قال الضياء المقدسي: كان العماد المقدسي إذا دعا كأن القلب يشهد بإجابة دعائه من كثرة ابتهاله وإخلاصه.




وما أجمل الدعاء إذا كان من قلب قوي موقن بالاجابة! وما أجمل الدعاء إذا امتزج بالسعي والعمل!


وما أجمل انتهاز فرص أوقات الاجابة كوقت السحر حين نزول ملِك الملوك وناصر المستضعفين، ووقت السجود والخلوات!

وكيف إذا صاحب هذا ايضا انكسار وخشوع وبكاء؟!


وتوجهت الأحاسيس كلها إلى بارئها تعالى! هنا يكون للدعاء أثر، وهنا يكون الدعاء وسيلة فاعلة، بل أعظم وأهم وسيلة للنصرة الحقيقية للمسلمين.



أليس القنوت في النوازل من سنن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟


فأين قنوتنا؟

فإن لم يكن جماعة؛ أفلا يمكن أن يقنت العبد بمفرده من أجل إخوانه وعقيدته؟

فادع وأكثر ولا تيأس ولا تتعجل: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف:87].



إذاً؛ فأنت مطالب بالدعاء لإخوانك متضرعا ومُلحا، الدعاء الذي يتحرك به القلب قبل أن يلهج به اللسان، دعاء القلب الذي يعتصره الألم ويحرقه الهم للمسلمين، فمَن منا أيها الإخوة رفع يديه إلى السماء وتوجه إلى الله بالدعاء؟


من منا قنت في ليلة ودعا على اعداء الإسلام واليهود الغاضبين؟.



وسلاحنا النوويُّ تقوى ربِّنا *** فبها سنجعلهم هشيم المحتظِرْ

ولنا سهامُ الليل تفعل فعلها *** والأمرُ للمولى كلمحٍ بالبصَر

جبناء يستخْفُون رغم رصاصهم *** يخشون طفلا راح يقذف بالحجَر




فإلى كل مسلم يريد نصرة إخوانه: الله الله بالدعاء، سبحان الله!


أليس في المليار مسلم أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره؟

أبشروا -عباد الله- فإن الله قريب، ألحوا عليه فقط وتضرعوا إليه فإن الله تعالى يقول: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام:42-43].



فإياكم وقسوة القلب، وشدة الغفلة والإغراق في الدنيا، ونسيان مصاب إخوانكم!


إن دمعة من عينيك ودعوة من قبلك وزفرة من صدرك لهي دليل على صدق الانتساب لهذا الدين، وصدق همك للمسلمين.



أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.






الخطبة الثانية:



الحمد لله، مَنَّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، ومن كل بلاء حسَن أبلانا، والصلاة والسلام على من علمنا ونجانا، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم إحسانا وإيمانا.




أما بعد: عباد الله، أخلصوا في الدعاء، (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن:18]؛ يا من تطلبون النصرة من عدوكم: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) [الأعراف:197]، يا من توجهتم إلى الأضرحة والقبور: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ...) [الأعراف:194]، يا من توجهتم إلى السحَرة والمشعوذين: (أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [الأنعام:40]؟.




يا عبد الله: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله".




وأفنيةُ الملوكِ مُحجَّبَاتٌ *** وبابُ اللهِ مبذولُ الفَنَاءِ

فما أرجو سِواهُ لكشف ضرِّي *** ولا أفزع إلى غير الدعاء




أين المرضى والمصابون؟


لماذا يطرقون كل الأبواب وينسون باب مسبب الأسباب؟

فعن عثمان بن أبي العاص أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال عثمان: وبي وجع قد كاد يهلكني، قال: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "امسحه بيمينك سبع مرات، وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شَرِّ ما أجد"، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم.



الراوي: عثمان بن أبي العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3891

خلاصة حكم المحدث: صحيح






أين المبتلون بالشهوة وفتنة النساء وإدمان النظر إليهن؟

أين الذين تعلقت قلوبهم وعيونهم بالفضائيات وتتبع الشهوات؟

قال قتادة: كان عامر بن عبد قيس يسأل ربه أن ينزع شهوة النساء من قلبه فكان لا يبالي: أذكرا لقي أم أنثى.



أين المحتاجون من حسن الشكاية لله بدل الشكوى للمخلوقين والضعفاء؟


قال الفضيل بن عياض: كان الربيع بن خثيم يقول في دعائه: أشكو إليك حاجة لا يحسن بثها إلا إليك، وأستغفر منها وأتوب إليك.



تأمل يا عبد الله: لا يحسن بثها إلا إليك! ليس كمن يطرق كل باب، ويتعلق بكل مخلوق، ويترك باب ملك الملوك، ومَن بيده مفاتح الفرج ومفاتح الأرزاق.




كان من دعاء علي بن الحسين: اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين فيضيعوني.




أين المذنبون، العصاة، الغافلون؟


أين هم عن الدعاء وكثرة الاستغفار؟

أين هم عن الندم والانكسار؟

كان يحيى بن معاذ -رحمه الله- يقول في مناجاته في الليل: اللهم إن خطيئتي تعذبني، وتوبتي تذوبني، فعيشتي طول دهري بين تعذيب وتذويب.

وكان يقول: واسوأتاه منك إذا شاهدتني وهمتي تسبق إلى سواك!


أم كيف لا أضني في طلب رضاك؟!.



أيها المصر على الذنب!


احذر وتنبه!

فلن ينجيك -والله!

- إلا أن تكون جئّار الليل والنهار، بكّاء إلى الله بالأسحار، تناجي الرحمن، وتطلب الجنان، وتخاف النيران.



أين المتكبرون قساة القلوب من الانكسار والذل لله؟


فعن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقول في دعائه: خائف مستجير، تائب مستغفر، راغب راهب.



أين المحبون لإخوانهم المشفقون على العصاة؟


أين هم من دعوة لهؤلاء بأن يفتح الله على قلوبهم ويهديهم؟


ألم يدع النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب وهو مشرك متجبر؟

"اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب"، فأسلم عمر ونصر الله به الإسلام، وأعزه، ألم يدْعُ ابن المبارك لأبي علي الحسن بن عيسى وقد كان نصرانيا؟ فقال: اللهم ارزقه الاسلام؛ فاستجيب له! فكان أبو علي الحسن بن عيسى الإمام المحدث الثقة الجليل الذي نفع الله به وبعلمه المسلمين.



فهذه دعوة ابن المبارك المباركة، يسلم على أثرها الإمام المحدِّث أبو علي الحسن بن عيسى بن ماسرجس، فأين دعواتنا لكثير من العقول والطاقات الغافلة أو الكافرة والتي نتمنى أن ينصر الله بها الإسلام؟ بدل المبادرة بالدعاء عليه!.




عباد الله: جاء في الحديث في بيان فضل ساعة الجمعة: "فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يقللها".




الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 935

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




إذاً؛ فمن دواعي إجابة الدعاء المحافظة على شروطه وآدابه، كأن يتحرى العبد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وأن يغتنم الأوقات والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء، كوقت التنزل الإلهي، وفي السجود، وأن يبيت على ذكر فيتعارّ من الليل فيدعو، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وعند التقاء الجيوش، وعند الإقامة، وآخر ساعة من نهار الجمعة.




ودعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب، ودعوة المسافر والمظلوم، ودعوة الصائم، والوالد لولده، ودعاء رمضان، وأن يدعو مستقبلاً القبلة، ويرفع يديه، وألا يتكلف السجع في الدعاء، وأن يخفض صوته ويتضرع ويخشع عند الدعاء، قال تعالى (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف:55]، (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:90].




واعلم أن شروط إجابة الدعاء هي: الاخلاص، والمأكل الحلال، وحضور القلب وعدم الاستعجال، والدعاء بخير، ولا تجزع أخي! "ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما ان يدَّخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل"، قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعجل؟


قال: "يقول دعوت ربي فما استجاب لي"، وفي روايةٍ أنهم قالوا: إذاً نكثر؟ فقال: "الله أكثر".



الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3604

خلاصة حكم المحدث: صحيح دون قوله: "وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا"




لكن ربما تنتظر الإجابة وأنت قد سددت طرقها بالمعاصي ولو فتحت الطريق أسرعت إليك.




اللهم ألهمنا الدعاء، واقبله منا، ولا تردنا خائبين، اللهم اقبلنا إليك معتمدين عليك، ممتلئة قلوبنا من رجائك، رطبة ألسنتنا من دعائك...









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق