الاثنين، 16 ديسمبر 2013

اعتراض وجوابه حول بدعية ( سجّل حضورك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) 2014

اعتراض وجوابه حول بدعية ( سجّل حضورك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) 2014




أخي عبدالرحمن السحيم , بعد التحية .



--------------------------------------------------------------------------------



بسم الله , والحمد لله , وصلى الله وسلم على رسول الله :



أخي عبدالرحمن السحيم .



السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته , وبعد فقد قرأتُ عنك هذا :





إقتباس:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته



هذا من البدع الْمُحدَثَة



نعم .. لو تم التذكير به في يوم أو في مناسبته كيوم الجمعة الذي جاء الحث على إكثار الصلاة فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس



أما أن يكون بشكل يومي ، وسجِّل حضورك



فهذا لا شك أنه من البدع



والله أعلم



......................



هذا لا شك أنه من البدع



هذه من العبادات - أعني التسبيح والتحميد والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم



فلا يُفعل منها شيء إلا بدليل



لأن الأصل في العبادات التوقيف



وسبق التنبيه على مسألة



سجل حضورك اليومي بالصلاة على النبي



فهذه لا شك أنها من البدع



ويُستثنى من ذلك ما كان له دليل



مثل الحث على فعل الخير عموما



أو التذكير بالصلاة عليه عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة وليلة الجمعة لورود النص بذلك



أما تسجيل الحضور بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو التسبيح ونحو ذلك فهذا مما يدخل في الْمُحدَثات



وكل مُحدَثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة



وسبق بيان حُكم :





سجل حضورك اليومي بالصلاة على النبي





والله أعلم







أخي الكريم :



قبل أن أقرأ هذه الفتوى قدَّر الله أن أقرأ كتاباً بعنوان " أحكام



الردة والمرتدين " لفضيلة الدكتور : محمود مزروعة _ حفظه الله _



حكى فيه حدثاً وحادثةً , تقطِّع نياطَ القلوب . وقد صرخ الكاتبُ بعد هذا في أمة الإسلام ؛ ليوقظها من رقدتها الطويلة .



أخي الكريم : لما قرأتُ كتاب هذا الرجل , استرجعت في ذهني قصة الغارة على الإسلام , كيف كانت ؟ وكيف استُغل فيها بعض الطيبين من المنتسبين إلى الإسلام



الذين مافقهوا من الإسلام حقيقتَه وروحَه ولبَّه . فصاروا معاولَ هدم لأسس الإسلام الكبار ومقاصده العظام .



حتى صار الإسلام في كثير من بلاده يتيما بين أهله , لاصريخَ له إنْ انتُقص , ولاانتفاضةً وزأرةً تُخرس أصوات الهازئين بالإسلام والهازلين به .



إنَّ الإسلامَ ليس بحاجةٍ إلى رجال يخذلونه كلَّما رأوا أبواب الخير قد أُشرعتْ .



إنني أرى خيانةً للإسلام ظاهرةً , حينما يتجرأ عليه العلمانيون والمرتدون , ويتصدى بعض المسلمين إلى قص جناحيه وتقييد حريته .



إن الهجمة على الإسلام استغلت المتدينين المزيفين أحسنَ استغلال .



أخي الكريم : لي اتصال وثيق بأهل العلم وطلبته , وكثيراً ماتطمئن نفسي وتسكن إذا قرأتُ فتوى من أحدهم



صدَّرها بدليل , وأيَّدها بفعل السلف الصالح , وأتبعها بنصيحة خالصة صادقة باعثها الحب في الله ولله .



أخي الكريم :



تعلمَّنا من علمائنا الكبار النهي عن التصدر للفتوى , والتصدي لها قبل أن يستد الذراع ويشتد , وقبل أن يستوي الرجل على سوقه .



وشكرنا لعلمائنا وقوفهم ضد صغار طلبة العلم الذين لم يتأهلوا بعدُ للفتوى ويقدروا لها قدرَها .



خاصةً وأننا بُلينا بفئةٍ من الشباب , ارتقت مراقي صعبة وعقبات عالية فزلّتْ بها الأقدام كثيرا كثيرا .



أخي الكريم : اعذرني على هذه المقدمة ( الطويلة ) , لكنَّها خاطرة أبتْ إلا الظهور عندما قرأت لكم هذه الفتوى .



أنا لاأعرفك _ رغم صلتي الوثيقة بمجتمع العلماء وطلبة العلم _



ولايضرك أني لاأعرفك , لكنَّ الذي يضرك _ أخي _ أن تبدِّع فعلاً دون دليلٍ صحيح صريح .



قرأتُ هذه الفتوى مرة بعد أخرى فضربتُ كفاً على كف .



لم أجدْ دليلاً , ولامستنداً , بل وجدتُ أمراً أضحكني كثيرا .



قلتَ _ وفقك الله _ " هذا لا شك أنه من البدع " وقلتَ " هذا من البدع الْمُحدَثَة "



إن ( لاشكَّ ) هذه التي جزمتَ بها , لن تفيدني في الحكم شيئا , ولو أقسمتَ أيماناً مغلَّظة على أن هذا من البدع فإن هذا لايساوي شيئاً



في ميزان التحقيق العلمي الرصين .



إن المتلقي والمشارك الذي بدَّعتَ فعلَه يريدُ منك دليلاً لتسكنَ نفسه الثائرةُ التي ذُكرتْ بالله فذكرتْه, فجاءها من يبدِّع فعلَها ويجزم بذلك !!



إن غايةَ مااستدللتَ به قولكَ " هذه من العبادات - أعني التسبيح والتحميد والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم



فلا يُفعل منها شيء إلا بدليل



لأن الأصل في العبادات التوقيف "



وقد بلغ عجبي منتهاه من هذه الجُرأة , ألم يردِ التذكير بفضل الذكر والتسبيح والتحميد في كل زمان ؟؟



" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " " فاذكروني أذكركم "



وفي الحديث " سبق المفرِّدون " وغيرها من نصوص كثيرةً دعتْ إلى ترطيب اللسان دائما وأبدا بذكر الله .



إن الدليلَ جاء بالحث على هذه العبادات , فماذا ينتظر الناس ؟



قلتُ إن عجبي بلغ منتهاه من رجل رأى إقبالاً على ذكر الله بعبارات لالبس فيها ولاشرك فأنكر على الذاكرين !!!!!



ثم خذ المضحكة المبكية , قلتَ " ويُستثنى من ذلك ما كان له دليل



مثل الحث على فعل الخير عموما



أو التذكير بالصلاة عليه عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة وليلة الجمعة لورود النص بذلك "



سأتجاوز عن الدليل الذي ورد في فعل الخير عموماً لأنني لاأعرف كيف أخرجتَ منه الذكر والتسبيحَ والتحميد !!



وأسألك سؤالا مباشرا وواضحا :



مع اعتقادي فضل الصلاة والسلام على النبي _ صلى الله عليه وسلم _ يوم الجمعة وليلته , لكن : هل ورد عن السلف أنَّ أحداً منهم



وقف على المسلمين كل يوم جمعةٍ وقال لهم " صلوا على النبي " ؟؟



تزعم أن التذكير بالذكر مطلقا بدعةٌ , ثم تجيزُ أمراً هو أقرب إلى البدعة _ في مفهومك أنت للبدعة _ !!!!



ثم : أليس اللهُ يقول " إن الله وملائكتَه يصلون على النبي , ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فهل هذا فقط في يوم الجمعة , أم ينبغي التذكير بهذا كل وقتٍ وحينٍ حتى ينال المصلي عليه والمسلِّم ثواب ذلك بأن يصلي الله عليه



" من صلى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرا "



...



إن الموضوعات التي تحث على الذكر وترغب فيه , لاتعدو ان تكون تواصيا بالخير والبر , وتعاونا على البر والتقوى .



ويجب أن تشدَّ اليد في التعاون مع هؤلاء الذين يبدأون تجوالهم في المنتديات بخير بداية .



ويجب أن نكفَّ شرَّنا عن الغير إذا كنَّا كسالى عن إهداء الخير لهم .



وإنني أخشى على أمتي من فئة طاردتِ الناس بالتبديع والتفسيق , حتى انتهى الأمر بكثير من رموزهم إلى أن يخرجوا من دائرة السنة كل أحدٍ إلا هم .



إن فضلَ الله واسع , وليكن لنا في سلفنا قدوة صالحة " تعال بنا نتذاكر في الله ساعة "



هكذا كان هديهم , حتى خلف من بعدهم خلوف نسبوا إلى السلف ماهم منه براء . فصاروا يبدِّعون ويعادون , متمسحين بالسلف



حتى قال أحدهم " تعال بنا نغتب في الله ساعة " ونسب ذلك إلى السلف !!!!



إن سلفَنا _ ياهذا _ إذا التقوا حثَّ بعضهم بعضا على التذاكر بالخير وللخير . مستصحبين معهم حديث " ومااجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا ... الحديث "



وإنني أخشى كذلك من فئة طاردت المسلمين بالبدعة , وامتحنت الناس في العقيدة , حتى صارت رغبة تبديع الناس عندهم مقدمة على هدايتهم ونصحهم ..



أخي الكريم :



إذا كنتَ أفتيت بمثل هذا فثب إلى رشدك وتب إلى الله , وإياك أن تجعل ظهرَك جسراً لأحد .



اثن ركبتك طويلا عند أهل العلم , وخذ من توجيهاتهم وسمتهم و ( ورعهم ) .



افتح أبواب الخير ولاتقفلها , ليكن لك دورٌ في استصلاح المنتديات وتأييد كل عمل خيِّر فيها بدلا من أن تسدَّ أبواب الخير القليلة فيها .



إن الإسلام اليوم ينحر على أيدي العلمانيين , فماذا أنت فاعل ؟



سخِّر طاقتك لهم , بدلا من تعطيل باب من أبواب التذاكر .



وإذا كنتَ أفتيتَ بهذه فخذها مني صريحةً : لاسمع ولاطاعة لفتوى ليس فيها من نصوص الكتاب والسنة شيءٌ .



ولاسمع ولاطاعة لفتوى مضحكة مبكية .



والسلام عليكم











السلام عليكم ورحمة الله وبركاته







أرجو منكم ياشيخ عبدالرحمن السحيم بالتكرم والرد على هذا الموضوع



لأنه مرسل إلى حضرتك في منتدى ثاني وحبيت إنك ترد عليه شخصياً.





والله يرحم والديك







تم حذف الرابط





محبك في الله/ العارض








ـــــــــــــــــــــــــــــــ





الجواب :



بارك الله فيك أخي الكريم



أولاً : التهكّم والسخرية ليس من طريقة أهل العلم .

وهو لا يصدر إلا من جاهل ، ولذا لما قال موسى عليه الصلاة والسلام لقومه : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) فـ (قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) فكان جوابه أن (قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) .





ثانياً : الكاتب عاب عليّ ما وَقَع هو فيه !

عاب عليّ أن أفتيت ، ثم هو أفتى بخلاف ما أفتيت به !

فليته إذ عاب على من لا يَعرفه أنه أفتى لم يُفتِ هو ، بل كان يَنقل فتوى لأهل العلم يَردّ بها قولي

فهو قد ناقَض نفسه !

وهو قد تصدّر وأفتى من حيث لا يَعلم !

وعاب على من كَتب باسمه الصريح ، ورمز لنفسه برقم (15) !

وأنت أحرى أن يُقال لك " أنا لاأعرفك - رغم صلتي الوثيقة بمجتمع العلماء وطلبة العلم -"

وسوف آتي لتفصيل القول في هذه المسألة .





ثالثاً : ليس كل ما يُشرع على وجه العموم تُشرع آحاده وأفراده .

فالصلاة مشروعة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وقد ردّ العلماء الصلوات الْمُحدَثَة رغم أن لها أصلاً في الدِّين

والسؤال عن أمور الشرع والدِّين مأمور به مندوب إليه (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) .

وقد ردّ الإمام مالك على مُبتدِع السؤال عن كيفية الاستواء ، فقال الإمام مالك: الأستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأراك رجل سوء . أخرجوه .

وهذا كالأصل عند أهل العلم .

إلى غير ذلك مما ردّه أهل العلم ، كإحداث أقوال أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم لم تَكن .



فالبدعة : هي الأمر الْمُحدَث في الدِّين بِقصد القُربَـة والطاعة .

قال الإمام الشاطبي رحمه الله :

فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه .

وقال أيضا :

فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مُخترعة تُضاهي الشرعية يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ، وهذا على رأي من لا يُدخل العادات في معنى البدعة ، وإنما يَخُصُّها بالعبادات ، وأما على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول : البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية
. اهـ .



وقال الإمام القرطبي : وسُمِّيَت البدعة بدعة لأن قائلها إبتدعها من غير فعل أو مقال إمام .

وقال : وكل من ابتدع وجاء بما لم يأمر الله عز وجل به فقد فرّق دينه .
اهـ .



فالدليل العام لا يكون دليلا على أمر خاص .



والأدلة التي استدل بها الكاتب أدلة عامة ، كالأدلة التي تدل على الصلاة وعلى الذِّكر ، ولا يُمكن أن يُستدل بها على بدع ومُحدَثات مخصوصة .

فابن مسعود رضي الله عنه أنكر على الذّاكرين ، الذين اجتمعوا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يَذكرون الله بالحصى ، ولم يَفهم ابن مسعود ولا غيره من الصحابة أن عموم الأدلة الدالة على فضل الذكر وإقامة ذِكر الله ، أنها تدل على تلك البدعة المخصوصة .



روى الدارمي وابن وضاح في البدع أن ابن مسعود ضي الله عنه أنه دخل على أقوام يُسبّحون بالحصى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟

قالوا يا أبا عبد الرحمن حصىً نعدّ به التكبير والتهليل والتسبيح !

قال : فعدوا سيئاتكم ! فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد ! ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تَـبْـلَ ، وأنيته لم تُـكسر . والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدي من ملة محمد ، أو مفتتحوا باب ضلالة ؟

قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير !

قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه !



وروى أبو داود من طريق يزيد بن عميرة - وكان من أصحاب معاذ بن جبل - قال : كان لا يجلس مجلسا للذكر حين يجلس إلا قال : الله حكم قسط ، هلك المرتابون . فقال معاذ بن جبل يوماً : إن من ورائكم فِـتناً يكثر فيها المال ، ويُفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والرجل والمرأة ، والصغير والكبير ، والعبد والحر ، فيوشك قائل أن يقول : ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ؟! ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره ! فإياكم وما ابتدع ، فإن ما ابتدع ضلالة .



وقد أنكر عبد الله بن مغفّل على ابنه أن جَهَر بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " في صلاته

روى الترمذي – وحسّنه – عن ابن عبد الله بن مغفّل قال : سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال لي : أي بُني مُحْدَث ، إياك والحدَثَ . قال : ولم أر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام - يعني منه . قال : وقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها ، فلا تقلها إذا أنت صَلّيت فقل : الحمد لله رب العالمين .



فعبد الله بن مغفّل رضي الله عنه لم يأذن لابنه أن يَجهر بالبسملة ، رغم ورودها ، إلا أنها لم تَرِد على هذه الصفة ، أي لم يُجهَر بها ، كما في حديث أنس في الصحيحين .



وقد أنكر عمر رضي الله عنه حَلْق الرأس ، إذ كان شعار الخوارج ، يتعبّدون به .



فَحَلْق الشعر للرجل مُباح ، وهو مُتعبّد به في الـنُّـسُـك ، إلا أنه ليس بِمتعبّد به في غير النسك



وقد فصّل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنواع حَلْق الرأس ، وذكر انه على أربعة أنواع ، فقال :

النوع الثالث : حلقه على وجه التعبد والتدين والزهد من غير حج ولا عمرة ... فهذا بدعة لم يأمر الله بها ولا رسوله وليست واجبة ولا مستحبة عند أحد من أئمة الدين ولا فعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم باحسان ولا شيوخ المسلمين المشهورين بالزهد والعبادة لا من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعيهم من بعدهم . اهـ .



والاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة .



كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر ، فكتب :

أما بعد : أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحْدَث الْمُحْدِثُون بعد ما جَرَتْ به سنته وكفوا مؤنته ، فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة ، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها ، فإن السنة إنما سَـنَّـها من قد عَلِم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق ، فَارْضَ لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم ، فإنهم على عِلم وقَفُوا ، وببصر نَافِذٍ كَفُّوا ، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى ، وبفضل ما كانوا فيه أولى ، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ! ولئن قلتم : " إنما حَدَثَ بعدهم " ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ، ورغِب بنفسه عنهم ، فإنهم هم السابقون ، فقد تكلموا فيه بما يكفي ، ووصفوا منه ما يَشفي ، فما دونهم من مَقْصَر ، وما فوقهم من مَحْسَر ، وقد قصَّر قوم دونهم فَجَفَوا ، وطمح عنهم أقوام فَغَلَوا ، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم . رواه أبو داود .



وهذا الذي نتكلّم بشأنه هو من البدع الإضافية ، التي أُضيفت إلى أصل من الأصول .



قال الإمام الشاطبي رحمه الله :

ومن البِدع الإضافية التي تقرب من الحقيقية أن يكون أصل العبادة مشروعا إلا أنه تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل توهماً أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل ، وذلك بأن يُقيد إطلاقها بالرأى ، أو يطلق تقييدها ، وبالجملة فتخرج عن حدِّها الذي حد لها ، ومثال ذلك :

أن يُقال إن الصوم في الجملة مندوب إليه لم يخصّه الشارع بوقت دون وقت و، لا حد فيه زمانا - ما عدا ما نهى عن صيامه على الخصوص كالعيدين وندب إليه على الخصوص كعرفة وعاشوراء بقول - فإذا خص منه يوما من الجمعة بعينه ، أو أياما من الشهر بأعيانها - لا من جهة ما عَيَّنَه الشارع - فإن ذلك ظاهر بانه من جهة اختيار المكلف ، كيوم الأربعاء مثلا في الجمعة ، والسابع والثامن في الشهر ، وما أشبه ذلك بحيث لا يقصد بذلك وجهاً بعينه مما لا ينثنى عنه ، فإذا قيل له لم خصصت تلك الأيام دون غيرها ؟ لم يكن له بذلك حجة غير التصميم ، أو يقول إن الشيخ الفلانى مات فيه، أو ما اشبه ذلك ، فلا شك أنه رأي محض بغير دليل ضَاهَى به تخصيص الشارع أيامها بأعيانها دون غيرها ، فصار التخصيص من المكلّف بدعة ، إذ هي تشريع بغير مستند .

ومن ذلك تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات التي لم تشرع لها تخصيصا كتخصيص اليوم الفلانى بكذا وكذا من الركعات ، أو بصدقة كذا وكذا ، أو الليلة الفلانية بقيام كذا وكذا ركعة ، أو بختم القرآن فيها ، أو ما أشبه ذلك ، فإن ذلك التخصيص والعمل به إذا لم يكن بحكم الوفاق أو بقصد يَقصد مثله أهل العقل والفراغ والنشاط كان تشريعا زائداً . اهـ .





رابعاً : ينبغي أن يُعلم أنه ما مِن بدعة إلا وقد استند صاحبها إلى رأيه ، وما من بدعة إلا وكان الدافع لها – غالباً – حسن المقصد .

إلا أن حسن المقصد وسلامة النية لا تكفي في التعبّد .

ولذلك فإن الذين اجتمعوا للذِّكْر قالوا لابن مسعود رضي الله عنه : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير !

فقال : وكم من مريد للخير لن يصيبه !



فهذه كلمة عظيمة وأصل في رد الْمُحدَثَات .



خامساً :

العمل لا يكون مقبولاً حتى يكون العامِل مُتابِعاً للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العمل .

وقد نص العلماء على أن المتابعة لا تتحقق إلا بستة أمور :

الأول : سبب العبادة

الثاني : جنس العبادة

الثالث : قدر العبادة

الرابع : صفة العبادة

الخامس : زمان العبادة ( فيما حُدِّد لها زمان )

السادس : مكان العبادة ( فيما قُيّدت بمكان مُعيّن )
وهذا التفصيل قال به شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .



ولِنُطبّق هذه القواعد على ( سجّل حضورك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) الذي انتشر في المنتديات .



فأقول :

أولاً : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة مندوب إليها في الكتاب والسنة ، بلا خلاف أو إشكال .

غير أن تحديد العبادة بعدد أو بزمان أو بمكان لم يُحدده الشارع يُدخل تلك العبادة في حيّز العبادة .

وقد أنكر الصحابة رضي الله عنهم على من أحدث مثل ذلك .



والسؤال : هل تسجيل الدخول للمنتدى كالدخول للمسجد بحيث نُصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كلما دخلنا أو خرجنا ؟!

فمن قال : نعم ، فليأت بالدليل ! ولا دليل .

ومن قال : لا . قيل له : إذاً لا يُقبَل العمل الصالح حتى يُتابَع فيه النبي صلى الله عليه وسلم في سبب العبادة .

هذا الأول .



والثاني : جنس العبادة

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدّم مشروعة مندوب إليها .

وليس كل ما شُرِع عمومه تُشرع آحاده وأفراده – كما تقدّم – .



الثالث : قدر العبادة

وهذا مُتعلّق بالعدد ، وبِقَدْر العبادة .



الرابع : صفة العبادة

أي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو الذِّكْر بهذه الصفة .

وهل هو مشروع ؟

فمن قال : نعم . طالَبْناه بالدليل على هذا العمل على وجه الخصوص .

أين صفة هذه العبادة في عمل السلف ؟



الخامس : زمان العبادة ( فيما حُدِّد لها زمان ) .

فالذي حدد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو حدد الذِّكْر كلما دخل المنتدى أو خَرَج منه ، حدد زماناً للعبادة لم يُحدده الشارع ، وقد مضى كلام الشاطبي رحمه الله ، وأن التحديد من غير دليل بدعة .



السادس : مكان العبادة ( فيما قُيّدت بمكان مُعيّن )





وأما قول القائل :

" افتح أبواب الخير ولاتقفلها , ليكن لك دورٌ في استصلاح المنتديات وتأييد كل عمل خيِّر فيها بدلا من أن تسدَّ أبواب الخير القليلة فيها "



أبواب الخير لا تُفتح بالبدع !

والله يَعلم ما دخلت الشبكة ، وأمضيت فيها الوقت ، إلا من باب نشر الخير .

وسبق أن حسن المقصد وسلامة النية لا تُسوِّغ فعل كل أمر نظنه خيراً !



وليس كل عمل خير يراه الإنسان يسوغ عمله .

ولو ساغ ذلك لكانت كل بِدعة يسوغ عملها ، لأنه ما من صاحب بِدعة إلا وهو يَرى أن في بدعته خيراً .

وما من صاحب بدعة إلا وهو يُقيمها على حساب السنة .



وما من صاحب بِدعة يراها حسنة إلا وهو يستدرك على الشارع ، بل ويتّهم محمدا صلى الله عليه وسلم أنه لم يُبلِّغ البلاغ المبين .



قال الإمام مالك رحمه الله : من ابتدع في الدين بدعة فرآها حسنة فقد اتـّـهم أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فإن الله يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا .



ثم إنه يجب سد باب البدع والْمُحدَثات .

ويجب سد باب تناقل الموضوعات المكذوبات على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن ادّعى أصحابها أنهم ما أرادوا إلا الخير .



فهل نفتح الباب للحديث المكذوب بهذه الحجة ؟

بحجة " افتح أبواب الخير ولاتقفلها " ؟!



ونسأل الله أن يُفقّهنا في الدِّين .



أما مسألة التصدّر والجرأة على الفتيا فلا والله ما رغبت فيه ، وإنما أُقحِمت فيه .



والله يَعلم أني جلستُ إلى شيخي الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله – قبل سنتين – في المسجد الحرام ، ونحن نتراءى بيت الله ، فاستعفيته فلم يُعفِني ، وسألته ترك الفتوى فما أجابني إلى ذلك .



والله يَعلم ما أحببت الفتوى ، ولا تقحّم أوارها ، ولا خُضت غمارها حباً في التصدّر ، ولا رغبة في الظهور .



والله يَعلم لو أعفاني شيخي لما أفتيت ، ولما كتبت حرفا في فتوى .



والله يحفظك .





اعتراض وجوابه حول بدعية ( سجّل حضورك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) - مُنْتَدَيَاتُ مِشْكَاة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق