الأحد، 8 سبتمبر 2013

أمواج 2014

أمواج 2014


أمواج





يحكى أنه في حقبة من التاريخ ذهبت عائلة من أدغال أفريقيا وأستوطنت الجزيرة العربية حيث توفر مقومات

الحياة الأساسية هناك ما يغري هذه العائله والكثير من بني جلدتها من المهاجرين غير الشرعيين إلى هذه البلاد .



العائلة تتكون من الزوج وزوجته وثلاث بنات ومثلهم الأولاد تبدأ قصة هذه العائلة منذ أن سنّ حاكم البلاد

آنذاك قانون بتوجيه الرجال ذوات البشرة السمراء إلى جبهة القتال مستكرهين دون رفض أو الموت المحتم لمن

يرفض الذهاب وهم في حرب ضروس مع الدولة المجاورة لهم , تم الزج به في المعركة هناك مما جعل زوجته

وباقي الأبناء تسكن في بيت أحد أشقائها الذين أستوطنو هذه البلاد قبلهم بسنين .



أحد بنات العائلة وهي الوسطى تدعى (أمواج) حيث كانت في فترة ما من عمرها تعيش أميرة بين الملوك خوالها

وعمامها تتناقل بين أيديهم وأكتافهم يحبونها ويلبون كل مطالبها وكأنها لن ترى السعادة بعدها أبدا.



أنتهت الحرب بعد خمس سنين عجاف أمتلأت منها خزانات الأرض دماء , والأسرة المسكينة تنتظر عائلها إذ

لم تكن تعرف أهو حي أم قضى نحبه ينتظر .



في يوم جميل دافء دخل رب الأسرة عليهم فجأة فرحا مستبشرا بلقاء أهله يصافحهم ويحضنهم , ظلت (أمواج)

تقف بعيدة منذ رأت أبيها لم تقوا على الحراك لشدة فرحها ودموعها , ليذهب إليها ويضمها لصدره حيث شعرت

بالأمان الذي لم تعرفه من قبل , تجمع الأهل حول والدهم بعدما أنتهت أفراح اللقاء والشوق والمحبة.



أنتقل الأب وعائلته من أقصى البلاد إلى مركزها حيث قوة البلاد ماليا وأقتصاديا وتوفر النعم فيها , سكنوا في أقل

البيوت أجرة لحالتهم المتردية .



كأن الزمن ينتقم من (أمواج) بلا سبب إذ تغير حالها إلى أسوء درجاته , منذ وطأت قدامها فيناء الدار تلقت

صفعة على وجهها من يد أخيها وهي في سن السادسة لاأنها طلبت الرجوع إلى ذاك العز والنعيم الذي عاشته

أحست الدنيا جحيم أنقلبت عليها, أكتفت بالتحديق بعينيها منكسرة تنظر والديها وكأنها تقول هل من مغيث

يساعدني؟ هل سأعيش حياتي هكذا؟ لم يحرك أحدا ساكن ليرد حقها بالعكس تمام تعليقات ساخرة وضحك من

الجميع مما سبب ل(أمواج) جرح في قلبها ذهبت إلى غرفتها تبكي على حالها وماوصلت إليه وكيف ستعيش الباقي

من عمرها وسط كل هذا .



مرت الأيام والسنين تتلقى صفعة تلوى صفعة وكلام جارح يخرسها حين حديثها, كالغريبة بين أهلها كبرت أصبحت

في العاشرة من عمرها وعلامات الأنوثة ظهرت عليها لم تكن تعلم حينها بوجود (ذئاب البشرية) تعيث فساد وتتربص,

لم تكن تعلم أنها ذات يوم ستتمنى الموت ولا تكون في ذاك المكان , حيث عيون وقحة تنظر إليها نظرة حيوانية شهوانية

تهز عرش فوق سماواته السبع .



ضائعة بمعاملة أشقاءها القاسية تذهب لغرفتها تبكي وحيدة إذ تتفاجأ بدخول والدها يحضنها ويمسح رأسها , ماأثار

غرابتها بأنه لا يمنع أحدا من ضربها بل يتركهم يتسلطون ويتأمرون عليها وفي المقابل يأتي الأب ليضمد جراحها .



وفي ليلة شؤم لعينة حالكة مظلمة كأنها تلبدت من القدر كي لايعاقبها لقبح ماسيحدث فيها إذ ذهبت عائلتها لزواج قريبا

لهم لم تستطع هي ذلك بسبب آثار الضرب على عينيها , جلست وحيدة بعد أن رجعت أسرتها والأب كعادته لايأتي ألا

متأخرا جدا , كان مشهدهم في ذاك الليل أبناء في سبات عميق والأم أستسلمت للنوم هي الأخرى , (امواج) كعادتها

تغطى في نومها باكرا شعرت بوجود شخص في غرفتها تدقق النظر ولكن بدون فائدة الظلام دامس تتكلم لا أحد يجيب

أحست بشيطان ما معها أرتجفت خوفا ماذا هناك؟ جلست على سريرها تناظر الظل الذي يتحرك تجاهها تمعنت وفكرت

حيرة وفزع لاح خيالها ربما شقيقها يريد ضربها ولكن ماأدهشها وقضى مضجعها حينما حضنها وملأها حنانا وأمانا

لكن هذه المرة تختلف إذ طال أحتضانه لها تنظر وتدقق النظر إليه بوجه بريئ ودمعة حزينة توقفت بجفنها ,تقول له بأنين

صوتها: من أنت؟ وماذا تريد مني؟ لم أعد اقوى على التنفس؟ رد عليها : جئت أحتويكي وأمدك حناني يا أبنتي!

شعرت بأن شيئا ما سيحدث أرادت التخلص من ذاك الحضن الحيواني القذر لكنها فشلت وأستسلمت أرهقها الخوف والألم.



بلا رحمة أو ذرة شفقة ولاضمير أو نفس تأنب أفرق مابداخله عليها وفض بكارتها وعذريتها! تنظر إليه بنظرة طفولة

بريئة لم تكن تعرف شي عما يحدث , سألته: سأخبر أمي ماحدث؟ رد مبتسما لعينا : ماحدث لك يحدث لغيرك وأنتي

أبنتي أقرب لك من أمك بعدها ستعتادين على الأمر , أن أخبرتي والدتك ستقتلك صدقيني!



خرج من غرفتها تاركا وارءه جرح غزير في قلبها لن يشفيه أحد , استمر على فعلته تلك سبع سنين يتردد بين الحين والآخر

كبرت (أمواج) وعرفت ما كان يحدث لها؟ وماكان يفعل والدها؟ لكن ما السبيل وما الخلاص, أستجمعت كامل قواها

الخائرة , منعته في أحدى الليالي وقتئذ كان القمر بدر ساطع قالت له : جرب تمسني ؟ سأفضح أمرك عند الجميع ؟

يحاول ويحاول تعالت أصواتها شعر بالخوف فقال لها: سأكتفي ولن أفعل ,ولكن أصمتي, أقطع وعدي لك إذ لمستك مرة

أخرى أفعلي ماتشائين! فكرت وفكرت أتخبر أهلها الذين ظلموها ولن يصدقوها , ففضلت الصمت على ذاك كي تحافظ

على تماسك عائلتها .



مرت الأيام كأن شي لم يحدث كانت (أمواج) تهوى أعمال البيت من طبخ وتنظيف تساعد والدتها كثيرا تعلق قلبها

بشقيقها الصغير الذي ولد توا , إذ أحبته ودللته كأنها أم ثانية له تعلق دام ثلاث سنين سعيدة عليها لكن القدر كأنه تقصد

لها مرة أخرى كي يمسح البسمة من شفاهها التي ماعرفت الفرحة قط إذ فارق الحياة شقيقها متأثر بمرض خبيث لم يعرف

له علاج وقتها



ظلت (أمواج) تعيش ظروف صعبة فارقت أنيسها الوحيد مصيبة تلو الأخرى أصبحت كشجره في المنزل كائن حي لايتحرك

ولا يتكلم , أنقضى مايزيد عن أربع سنين ماذا كان يحصل معها؟ لاتعرف؟ ماذا كانت ترى؟ جالسة بصمت يكاد يخيف

الليل بهدؤه وحيدة في غرفتها لاتسأل سؤال! ولا ترد جواب! إذ مددت يدك سلمت , وأن قطعت عنها أكتفت .



تزور طبيبها النفسي كي تعود كما كانت بإرادتها القوية وعلاج مكثف عادت شيئا ما لسابق عهدها أختلطت بصديقاتها

جمعتها صداقة مع فتاة تكبرها سننا زينت لها طريق الحرام وجملته , لكن (أمواج) لن تجرح مرتين رفضت سلوك ذاك

الطريق رغم مغرياته الكثيرة , عزمتها الصديقة ذات مرة في بيتها حتى وصلت عند الباب رفعت رأسها تنظر شاهدت

شكل السماء مع القمر والنجوم يشبه ليلة الشؤم تلك , حز في خاطرها فقالت : ليتني لم أنم في ذاك الليل؟ ليتني مت قبل هذا؟

لن أدخل بيت صديقتي؟ لقد أكتفيت جراح وعار لن تمحوه كل سنيني ؟

خرجت صديقتها ترحب وتسلم بصقت (أمواج) في وجهها ورجعت تتجرع حسرة وآهات كأني بها تقول ماذا بقي لم يحدث؟



تصرمت أيام من عمرها تمسح دموعها بأيد جافة ماطالها النعيم قط , ذهبت إلى السوق ذهبت يوم لشراء عباءة جديدة ,

إذ ترسخت فكرة في رأسها علمها عليها والدها (بأن الرجال مجرد ذئاب متوحشة تعددت اللغات والألوان في النهاية

هم ذئاب) , وصلت محل العبائات وسألت : هل هناك عباءة بمقاسي؟ أهلي لا يرضون عني أخرج بدونها؟

رد البائع بشكل عفوي : وأنا لا أرضى لك أن تخرجي بدونها؟ كان وقع ذلك الكلام على (أمواج) كالصاعقة أصابتها بلحظة

صمت رهيبة تناظر البائع تخاطب نفسها : ألا زال هناك طيبون؟ ألا زال هناك أناس يحبون الطهر والستر لنساءهم

ونساء غيرهم؟ أحلم هو أم حقيقة؟ كررت كلامها للبائع : أهلي لا يرضون عني أخرج بدونها؟ قال البائع: وأنا اقول لك

لا أرضى أن تخرجي بدونها؟ شعرت بأرتياح شديد من البائع سألته: لما لاترضى أن أخرج بدونها؟ ألا تريد أن تشبع عينيك

بالنظر؟ قال: ليس لي حق على ذلك ,

سألته مانظرتك للمرأة؟ أكتفى بالقول أن السلعة المميزة لاتعرض لكافة الزبائن , أنما هي مخفية كي لا يفسدها كثر

اللمس والتجربة , ويأتيها من يعرف قيمتها ويطلبها بأسمها! أما السلعة الرخيصة تكون في مقدمة المحل لتكون فرجة

ودعاية لكل من هب ودب .



عادت (أمواج) فرحه بما حدث وماشاهدت وسمعت , نست ما جرى لها من سنين مضت وأنصب تفكيرها على

بائع المحل , أصبحت تمني النفس به لم تخيب السماء دعائها , جاء البائع بعد أن تتبعها إلى بيتها وطرق الباب على أهلها

طلب يدها زوجة من أبيها عم الفرح وأنتشر في البيت بعد موافقة (أمواج) عاشت بعدها أسابيع من السرور والأحلام

الوردية تنتظر لحظة السعادة تلك التي حرمت منها عشرون سنة ماكادت تمر لقسوتها .



رتبت أمورها زينت نفسها أتت ليلة الخطبة , جاء العريس إلى المجلس بعد تناول الحلى وشرب القهوة ذهب الأب لغرفة

(أمواج) ليأخذ موافقة نهائية منها, وقف خلف الباب ناظرها بنظرته القبيحة تلك تلبس فستان فرحها رجع إلى الخطيب

ورد عليه : أبنتي لاتريدك زوج لها!

بقلبها المكسور تبكي (أمواج) وفستان خطوبته بلا أنسانية منه أو رحمة أو شفقة , فض بكارتها وقطف زهرتها قبل

أن تفتح , رجع مرة أخرى ليقطف ما تبقى من جذور





بقلم الأخ \ عازف الحرف والكلمة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق