الجمعة، 13 ديسمبر 2013

قصة قصيرة عنوانها فداء .. بقلمي 2014

قصة قصيرة عنوانها فداء .. بقلمي 2014


فداء

رفعت الصغير ذات السنتين و هي مسرورة بضحكته البريئة ..



توالت ضحكاته التي تنّم عن فرحته ، وتعلق برقبة أمه يتأملها بحب ..



ضمته إلى صدرها و لم يمض القليل حتى وثب إلى عالم المنام .. ترقرقت عيناها ..



بني الحبيب أنت كنزي ، أنت سندي .. أنت ذكرى والدك الشهم .. كم أشتاق إليه .. رحمه الله .



سأكون عونا لك يا فلذة كبدي .. سأربيك أحسن تربية بإذن البارئ حتى يفخر بك والدك ،



و حاولت كتم شهقة انفلتت رغما عنها ..



...



رأيته يمشي الهوينا متأبطا ذراعها يجاذبها أطراف الحديث بين الفينة والفينة ..



تجمعت سحب الأدمع في عيني .. يا الله كم يؤثر في نفسي موقف البر بين الولد وأمه ..



تقدمت و ألقيت السلام ..



أم سالم: أهلا بك يا جارتي العزيزة ، اشتقت إليك كثيرا .



احتضنتها سوسن وبكت .. منذ أن رحلت و جئت هذه المنطقة عاودتني الوحدة القاتلة ، افتقدت



ضحكات سالم .. وها هو الآن ماشاء الله رجل يعتمد عليه ..



أجل ها هو الطفل اليتيم سالم بعد تسعة عشر عاما من التربية الصعبة و الحياة التي عانتها الأم



وحدها في سبيل تنشئة ابنها على الصلاح .. ها هي قد أثمرت جهودها الآن و لم يخيب الله ظنها



ورجاءها فصار شابا يحتذى به ..



أنا فخورة به ، بني الحبيب .. رزقك الله ابنا صالحا عما قريب يا سوسن ..



أتمنى ذلك من كل قلبي .



مرت أيام و الحياة تتأرجح تارة تحلو ، وتارة تزيد مرارتها ؛ لأنها دنيا !



أماه .. أحضرت كل ماطلبته ، أين أضعها لك ؟



ضعها عندك يا بني ، ستأتي جارتي لتأخذها .. بارك الله فيك يا ولدي العزيز ..



أمي ، لا حرمني الله منك وقبل جبينها وخرج يسقي الورد ..



***



تسللت خفية من بين الأكوام المترامية فوق بعضها .. رائحة غريبة بدأت تنبعث من بين الزوايا ..



تقدمت تحث خطاها و هي تبتسم في داخلها .. يكاد الجوع يقتلها ..



انقضت على فرائسها وبدأت تنهش كل ماتجد أمام ناظريها ..



النهم للطعام هو كل ما تربع في أفكارها ! لا تشبع إطلاقا و لا تشعر بالظمأ أبدا !!



فقط تريد الالتهام ، الانقضاض ، و تفتيك الفرائس !!



..



كان بعيدا لا يلوي على شيء يستنشق عطر الزهرة الفواح ، و يستمع لتغريدة طائر اندمل جرحه قبل



أيام بسبب اعتنائه به ..



ابتسم بسعادة منتشيا .. أحبها ، أجل ، هي أغلى من كل شيء ,, هي ضياء عيني ..



هي مهجتي ..



...



زادت في تمددها ورعونتها وترامت في الأطراف بكل جرأة ..



لم تشعر بأحد يصدها فكشرت عن أنيابها ! يجب أن أحظى ببعض الاهتمام ! عليهم أن يقلقوا .. أولا



يشعرون بوجودي؟!



اقتحمت تلك الغرفة في آخر الممر بكل قوة ، و سمع صرخة مدوية تاهت في الأرجاء ..



قفز قلبه وجلا فتبين الهدف من الصرخة التالية ..



علا صوت استنجاد والدته وهي في غرفتها .. حريق .. حريق !!



اهرب يابني ، انج بنفسك !



هب كالفرسان بكل بسالة و اختفى بين غمار تلك النيران !!



تأخر رجال الإطفاء الذين استدعاهم الجار الوفي بعد أن شهد دخول الفهد و رأى النيران تندلع في كل



مكان ..



***



سكون مطبق .. ظلام قاتم ! بقايا جسد ! وجه ، أفقد التشوه ملامحه !



لا تكاد تعرف شيئا من أجزائه! وجه كان كفلقة القمر ضاع الآن وحل محله الوجه المخيف!



تمتم بهدوء .. كأني في قبري ! ياترى هل مازلت على قيد الحياة؟!



فتح عيني عقله بتثاقل ..كأني بي وسط أسرة بيضاء .. رائحة كرائحة المعقم ! أين أنا ؟



كأني لمحت أمي !



آه تلك المخلوقة الرقيقة الرائعة .. أمي التي أحبها وينبض قلبي إشفاقا على طيف ألم يمر بها !!



أمي هي روحي ، و كنزي و أعز ماأملك .. أظن أني أراها شاحبة ! لم هذا الشحوب ؟



التعب يهُدُّها ..! أرى في عينيها الأسى وهي ترمقني!



مابي ؟ عيناي بالكاد تستطيع الرؤية ! مالذي حدث ؟



أشعر بجسدي تثخنه الجراح !! هل أنا مريض ؟ أم أني لا زلت في كابوس مرارة العذاب !



أجل تذكرت ..كان حريقا مرعبا ، وكانت أعز شخص في الوجود تطلب النجده ، وقلبها الحنون



يأمرني بالابتعاد !



أحمدك يارب جعلتني كالليث لأنقذها من تلك الشَرِهة ! كادت تنهي أروع مخلوق !



الحمدلله أن أمي بخير ! أوَ كل هذا حلم ؟ لا أستطيع التصديق ! أي الأجزاء هو الحلم ؟!



جاء صوته من أعماقه متَهدِّلًا ، و نطق بصعوبة .. أين أنا ؟؟



سمع ذات الصوت .. أجل ، تيك النفمة العذبة التي يفديها ..



تيقن أنها لم تسمعه حين رآها ترفع يديها ، وتقول بحزن بالغ ، و أنهار دموع لا تتوقف ..



يارب يارب ، أنجاني من نار الدنيا ، فأنجه من نار الآخرة .



بر و ما أروعه من بر .. حب وما أعظمه من حب ..!
( خاتمة القصة أحداث حقيقية سمعتها لكني



طبعا نسجت عباراتها و البقية من خيالي ) .



بقلمي : سيمو



مارأيكم بقلمي في هذه القصة ؟



أنتظر نقدكم البناء ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق